The Definitive Guide to المرأة والفلسفة



فتسلح الفلاسفة النسويون بمناهجهم الفلسفية لمواجهة هذه الأسئلة، واستخدموا في سبيل ذلك أحدّ ما كان في جعبتهم وأشحذه وخيره من الروايات الفلسفية السائدة في نهاية القرن العشرين، فتدفق من كل حدب وصوب ما يسمى بـ الفلسفة النسوية، فأصبح لدينا نسوية تحليلية وأخرى قارية وثالثة ذرائعية أمريكية، فلاغرو إذن أن نجد المواضيع التي هي قطب رحى النسوية صدى لما في تلك الروايات الفلسفية، وأن الأسئلة التي أثارتها النسوية والمواضيع التي حامت حولها تذكرنا بما في الروايات، ولاغرو إذن أن يكون من نصيب سؤال واحد عدة من الأجوبة متقاربة ومتناقضة.

في كل ما سبق، تساءلنا عن مكانة المرأة في التفكير الفلسفي، وقدرتها على ولوج عالم الفلسفة دون اعتبار لجنسها، ولكن الباحثة في الفلسفة، في الشرق تحديدا، ستجد طبقةً أخرى من التمييز ستقصيها أكثر لتجد نفسها في الطبقة الرابعة، ربما، من الاعتراف، فإن كان المفكر الغربي لا يعترف بقدرة المرأة الغربية على التفكير والتفلسف، فهو كذلك لا يتعرف بقدرة الرجل الشرقي على ذلك. كما أن المرأة الغربية التي تحتل مكانةً ثانية في بلادها، تحاول إثبات مكانتها عبر المرأة الشرقية، وهو ما جرى في رحلات الاستشراق وكتابات الغربيات حول نساء الشرق التي تدور جلها حول إثبات تفوقها على المرأة الشرقية من جهة وإثبات ذاتها كمفكرة ورحّالة للرجل الغربي من جهة أخرى.

وهذا تحد لا تنفرد به الفيلسوفات، فهناك من يصنف الفلسفات الهندية مثلاً في أقسام تتراوح بين الدين والغيبيات والتنجيم، ويتجنب تعريف العلماء المسلمين كفلاسفة وإن قبلهم في مهمات خدمية كأطباء ومترجمين ومؤرخين.

وأحد الوجوه التي لاتزال تقصّر فيها النسوية ولاتفتأ تحاول التغلب عليها جهدها هو أشكال التحيز والضيم المتقاطعة. فليس الجنس هو المنفذ الوحيد الذي يتسرب منه التمييز، بل له عدة منافذ أخرى من نحو الطبقة والنسل والسن والعرق والإعاقة والميول الجنسي. ولكن النسوية على كل حال تتطلع إلى الشمول والعموم وإن لم تبلغ قمة ما تبغيه.

خالد الصعيدى يكتب   ممكن سؤال لى فى قلبك مكـــــان او ود او حبت حــــــنان ولا ولــى الزمـــــــــــان والحـــــــب هـــــــــــان ...

ولم يكن الحال أفضل مع المتخصصات في الفلسفة، اللاتي واجهن مشاكل إهانات لفظية وجسدية ونبذ عام. إذ تحضر هنا المسائل الجنسية بمعناها العام بكثرة، وذلك حينما يتساءلون "ماذا تلبس، وكيف حصلت على نتيجتها ومقابل ماذا؟" وهذه أسلحة لتهديم وضرب الآخر".

“لاتواجه المرأة شيئا من الضيم على أساس محض جنسها، ليس إلا. بل العامل الأساس في نوع الاضطهاد الذي كان نصيبها، هو نوعها أو طبقتها. فهذا العالم مفعم بأنواع الضيم الناجمة من العرق أو الطبقة أو معاداة السامية أو التوجه الجنسي، إن لم تتعرض فيه المرأة لشيء من ذلك، فمرجعه عرقها أو طبقتها الاجتماعية أو ديانتها أو توجها الجنسي أو غير ذلك.

وفق كل ما سبق، فإنه يتوجّب عليها أن نطرح نقاشا جديا حول القيم التي تتبناها الفلسفة باعتبارها تنويرًا للعقل، وتحريرًا للإنسان من قيود المجتمع، وهو ما ينتج عنه التساؤل التالي: "متى سيُفسَح المجال للمرأة في عالم الفلسفة؟"، دون استخفاف، والتعامل معها كإنسان قادر على التفكير والدخول في مساحة الفلسفة، والحقيقة، أن هذا السؤال منوط بتطور الفلسفة، بالإضافة لارتباطه بقدرة المرأة على فعل تنويري حقيقي بعيدا عن الشعارات الفارغة أو التقدمية المرائية.

بعض هذه الآراء ساهمت في ترسيخ التمييز ضد المرأة، بينما كان لبعض الفلاسفة تأثير إيجابي في الدفاع عن حقوقها والمساواة بين الجنسين.

كانت كلمة النسوية في منتصف العقد الأول من القرن التاسع عشر تشير إلى صفات الإناث ومزاياهن، وإنما كسيت كسوة العقيدة القائلة بتساوي المرأة مع الرجل في الحقوق والذب عنه، والمنبثقة من تساوي الجنسين، في اللغة الإنجليزية –مستمدًا من المصطلح الفرنسي f

ترندنغ سالفه ••• الرئيسية الافتتاحية محليات اقتصاد خارجيات رياضة فنون مقالات أخيرة متفرقات ترندنغ سالفه

عند البحث الجاد والتعمق في مسألة العلاقة بين المرأة والفلسفة، تبدأ الصورة بالتغيّر، ولاسيما إذا اعتمدنا مقاربة موسعة لمفهوم الفلسفة، لا تتأطر فيها ضمن حدود المنظور الأكاديمي الصارم، وبالأخص أن الفلسفة لم تتخذ هذا السياق إلا حديثًا في القرن السابع عشر، فيما لم تكن قبل ذلك على مرّ تاريخها منفصلة عن العلوم، واللاهوت، والسياسة؛ وغيرها من الميادين، وهكذا قد نجد العديد من الأسماء النسائية البارزة في مختلف الحضارات والعصور، والتي تتقاطع أنشطتهن بشكل فاعل بدرجة أو بأخرى مع الفلسفة.

هذا النوع من القولبة التي تعتبر المرأة من خلالها تتحدث باسم النساء وإلى جمهور من نساء حصراً، يحدث في أماكن أخرى غير رفوف المكتبات. وروت عدة فيلسوفات معاصرات كيف يطلب إليهن التدريس في مجال الحركة النسوية وقضايا الجندر حتى عندما لا يكون لذلك علاقة بتخصصهن البحثي، أو كيف يقترح عليهن إلقاء كلمات في مؤتمرات فلسفية عن «الفلسفة النسوية» بينما كن يأملن بالتحدث عن «مفهوم الزمن» أو «حدود المعرفة» مثلاً.

ولا شك أن ذلك يتطلب من الفلاسفة الغربيين قبل غيرهم إعادة تقييم الطرق التي كُتب بها تاريخ الفلسفة، وتطوير معلومات إضافية منهجيات متحررة من أغلال الماضي تكون أكثر دقة وشمولاً في رصد تطور المعارف الإنسانية، وربما إعادة الاعتبار لمساهمات من كانوا خارج الصورة النمطية. على أنه ينبغي - فيما يتعلق بالفيلسوفات تحديداً – تجنب مخاطر التركيز على جانب واحد من جوانب هويات تلك النساء لدرجة الوقوع في الهفوة النقيضة: أي تعظيم النساء كنساء أولاً قبل النظر في نوعية مساهماتهن الفلسفية، أو قبولهن رمزياً كتلوين على ذات النمط المعياري المؤسس (فتصبح الصورة لفيلسوف أو فيلسوفة من ذوي البشرة البيضاء محبين للحكمة)، أو كجزء من كوتا مفروضة لأسباب سياسية وإجرائية دون الكفاءة لغاية تحقيق أهداف الإدارات لناحية تعزيز التنوع والظهور برداء ليبرالي تقدمي، إذ إن ذلك لا يخدم للفلسفة قضية ويقصر التمثيل عن عرق (متفوق) على حساب مروحة عريضة من أشكال المساهمة الفلسفية من الأعراق والإثنيات والثقافات الأخرى، ومع أن الفيلسوفات الغربيات البيضاوات لا يمثلن سوى جزء صغير من العمل الفلسفي المتنوع والغني للمرأة من جميع أنحاء العالم - وعلى مر التاريخ أيضاً، وهو فوق ذلك كله أمر ضار للشابات الفيلسوفات اللواتي سيجدن أن ثمة أبواباً باتت تفتح لهن من زاوية جنسهن دون حاجة جادة لكسب التأهيل بناء على الكفاءة الموضوعية، وهو ما قد يتسبب لهن بفشل مستقبلي، ويمنحهن ثقة زائدة بالنفس في غير مكانها وعلى حساب جودة العمل الفلسفي.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *